حدثني صديقي ذات ليلةٍ ونحن نحتسي القهوة في إحدى منتديات المقاهي (الكوفي شوب ) قائلاً:

رجعت إلى منزلي ذات ليلة متأخرا قليلاً .. وكنت جائعاً فطلبتُ من زوجتي
أن تعد لي عشاء لكي أسدّ رمق جوعي !!

فعبستْ بوجهها نحوي , واقتربت ثم قالت:

(( حشفاً وسوء كيله )) قلت : ماذا!!!!

قالت : ألم تفهم ماذا أقصد !!
يعني بقولنا الشعبي (( حول وتناشق !!! ))

قلت بغضب ... ماذا؟!!!!!!

قالت : أتيت متأخرا ..وتطلب عشاء ..ويحك !!!

فقلت صارخا : ويحك ما ويحك !!..إن لم تنفذي طلبي فسوف آتي ب(عمود الخيمة )
وأضربك ضربا مبرحاً لن تنسيه ما حييت حتى تعرفين من أنا ..!!!!!!

فقاطعتني

في ضحكة عالية وسقطت على كرسي الكنب من شدة قهقهتها واضعةً كفها على فيها!!.. وكأّنا في ضحكتها سخريةً !

ثم بدأتُ أغلي ..من شدة الغضب !! وترددت في تنفيذ أمري !!!

حتى قالت بحكمة مكيدة :

((ما شاء لله هذه شجاعة .. جيدين على حريمكم بس حقوقكم يأخذونها الرجال
وانتم مسكتين .. ما تقلون شيء ...آييي والله >>>>>>آيييي أداة تعجب بقوة!!
شيبانكم يضربون حريمهم بأعمدة الخيام ..يوم يأخذون إحقوقهم من الرجال ولا أحد يغلبهم ...
وإلا أنتم ...فيه ناس تمشيكم على كيفكم ..حتى وشلون تشربون .. وتاكلون .. !!

شوف ياحبيبي جيلكم خواف .... بس ياحبيبي !! شف المطاعم فاتحة وعشاءهم جاهز .. وأنت ما تستطيع أن تصبر على الجوع .. وأنا عشاي يأخذ ساعتين !!
وتوك مستلم الراتب ... لا تبخل على نفسك ...))
فأقنعتني بأسلوبها .. وسياستها .. وحنكتها... وتذكرت قول الشاعر الشعبي :

اللي ماياخذ أموره بسيسة وحيلات ..........يصير عقله .. والهبال امتساوي


فقاطعته بقولي :

أي أسلوب هذا .. وسياسية !! أنت تحاول أن تقنع نفسك بأنك لم تُهزم !!

ثم تنهد صاحبي واحمر وجهه .....وأردفت بقولي :

لا عليك أسهم النساء ارتفع .. (ونسّب!!!) و(دبّل عدة مرات !!) في هذا الزمن
كل يوم يأتون بحق جديد للمرأة .....ومازال البحث جاريا

واسهم الرجال !! تهاوى .. وقلت قيمُه حتى وصل سعر الاكتتاب ..وبعضها تماسك

والقليل منها ارتفع قليلا ....


فضحك صاحبي ..وقال ساخرا :

في سوق الأسهم ارتفعت أسهم الخشاش .. والقيادات خسرت ..


وبالتالي خسر الشعب السعودي !!

قلت له : ليتك تستطيع التحدث بهذا الكلام عندها !!!!!!!
قال (وهو يعدل من وضعية جلسته ! ) وتجاهل آخر عبارتي :
دعني أكمل قصتي ... التي بدأت فيها

ذهبت بسيارتي لأبحث عن مطعم راقي ونظيف لأنه كثرت أخبار تسمم المطاعم

>>>>>>>>>>>>خارج التغطية >>>>>>>>>>>>
((ولا أدري ما سبب كثرت التسمم .. هل بسبب تطور الإعلام !!وشفافيتها المتطورة!!
.. أو هل بسبب تغافل المراقبين !!!
.. أو هل بسبب أن أجسادنا عجزت تحمل التسمم من كثر تعرضها للتسمم!!!
.. أو هل من أمن العقوبة أساء الأدب !!!!! أو ...أو ..... ))>>>>>>>> دخلنا بالتغطية <<<<<<<<<

فوجدت مطعما راقيا ..من ذات الوجبات السريعة ... تشاهد تصليح وجبتك
أمامك ..
سُررت عيناي بما رأت ... وأنفاي بما شمّت .. في الأصناف المتنوعة ..والزبائن
يتزاحمون .. وتطاولت الدقائق علينا ..حتى وصل الدور لنا .. غير أني صدمت
بغلاء أسعار الوجبات ..فأخبرني البائع (الشامي) -ذا الوجه الحسن الممتلئ بحمرة وقد امتلئ جسمه
شحوماً حتى كادت ملابسه أن تتمزق من فائض شحومه-
بأنه قد زاد سعر الوجبة الواحدة بأكثر من أربعة ريالات!!

فقلت (في نفسي ) لعل سبب انقطاعي عن المطاعم فترة طويلة ..جعلني أجهل
سعر الوجبات لجميع المطاعم بعد ارتفاع الأسعار وشمل الارتفاعات حتى المطاعم!!

إلا أنني تفا جئت بقوله بعدما سألته : متى زادت أسعار هذه الوجبات
فقال (وهو ينظر إلي بنظرة ازدراء وتعال ..على كرسيه واضعا ذقنه متكئا على قبضتي يديه .. وبصوت مرتفع) :

ارتفعت قبل يومين ...وأردف بقوله :
(شو بتدفع .. وإلا حل عنّا .. وراك ازبوووون !!)

غضبت .. وقلت في نفسي لو أتيت ب(عمود الخيمة ) و (هشّمتُ فيه رأسه )!!
حتى يذهب عني ما بداخل الجوف من توترات ..ونار الغضب تجاه من رفع قيمته على المواطن السعودي
ورددت عليه غاضباً !!:
لن أدفع .. وسوف أبحث عن ..مطعم آخر .. فنظر إلي .. وجاوبني بابتسامة صفراء !!

واردف قولاً: ( ..رووووووح وبترجع لي !!!! ومستنيك على أحر من الجمر ...!!!)
وخرجت مسرعاً ...

وأخذت أتجول ..في شوارع مدينتي (ووطني الحر!! )) أبحث عن مطعما يشعر بقيمة المواطن
ويكتفي بأرباح واقعية من دون جشع ..من جيب المواطن الحبيب المخلص لوطنه الذي لم يشتكي يوما .. !!!!!!!!!!!!!!
>>>
وإن قال أحد ما(هاذ اللي أدمره ) أقول : هذا مثال الإخلاص والصبر على نوائب الدهر !!

<<<<<
وأثناء تجوالي في مدينتي (أو في مدينتهم).. وجدت مطعماً راقيا في مستوى مطعمي(هم) الأول
فدنيت نحو البائع (الهندي ) – ذا وجهاً متعفرا مصبوغا بسمرة حتى وصلته بعد زحمة الزبائن
..والغريب على كثرة المطاعم ..إلا أنك تجد زحمة في كل مطعم !!

بدأت بسؤالي له عن قائمة أسعار الوجبات فلقد اكتسبت مناعة ضد جهل معرفة تباين غلاء الأسعار .. فلم أجد ما يلفت انتباهي بزيادة أسعار القائمة !!


فطلبت من البائع أحد الوجبات فبادرني بقوله :
تريد الوجبة الكبيرة وإلا الصغيرة ..قلت الكبيرة !!
قال : هذه سعرها يزيد بثلاث ريالات ..
( بمعنى الوجبة السابقة نفسها زاد سعرها .. ولكنهم زادوها باحترافية
بمعنى أنهم ركبوا موجة زيادة في الأسعار ..!!)

طبعا لاشك أنني غضبت .. ولكنني صرت أكثر تعقلاً فلم اصرخ ..ولم أنفعل !
بل قلت له : شكراً

(لأنني وجدت أنا الخاسر وحدي إذا تكلمت عن ما يجول في خاطري !!

فكن مبتسماً دائماً ,ومادحا لكل صغيرةً ,وكبيرةً فقل للأعور أن عينيك جميلةً فيها حور
, وللأهبل بأنك عقلك يزن جبلاً

سوف ترقى للمعالي ..وسوف تجد أسهل الطرق وأقربها للوصول للقمم


ودع عنك القيم ,والصدق ,والصراحة , وأبدلها بالمجاملة , والنفاق , وبالمدح , والثناء فهي مراكب الإبحار فوق المحيطات !!)


لأنه في زماننا ليس الرجل المناسب في المكان المناسب !!!!!

وخرجت .. وشكرني البائع على حضوري للمطعم ..وابتسمت له بوجهي وأنا أغلي غضباً
في أعماق جوفي من تلك التصرفات واستغلال المواطن بهذا الشكل الذي ليس له حول ولا قوة


فقلت لنفسي مخاطباً :
لعلي لم أجبر على المطاعم ..ولم أضرب على يداي ..فلعلي أذهب لأقرب أسواق تموينية
وأشتري عشاء يحتوي أشياء أساسية من خبزٍ وجبنٍ وأطعمةٍ معلبة -حتى وإن اشتريت للعشاء
ما يصلح لوجبة إفطار فلعل البطن يصبر على القليل فشهر الصيام لم ينتهي إلا قبل بضعة أيام
وإلا لم أستطع الخروج من المطعم .. ولن أقاوم رمق جوعي ولأضحّين في ما داخل جعبتي من نقود –



دخلت السوق وبحثت عن ما أحتاجه وبعد أن جمعتها على طاولة المحاسب ووضعهنّ داخل الكيس
فاجأني بالمبلغ فلقد زاد عن سعر وجبتي المطعمين بالضعف , أو يزيد قليلٌ

حاولت أن معه أن يعيد ,ويدقق في الحساب لكل علبة ,وقطعة فوجدت أن سعر علبة (الجبن )
زاد الضعف فكلها زادت ماعدا الخبز وعلب الزبادي , واللبن

وخرجت من السوق وأنا أوزع ابتسامات لجميع من أراه .. بعدما شكرت المحاسب شكرا وافراً
ولا أدري هو من زاد بالأسعار , أو هم من الموزعين بالجملة ..فالجهل بيننا سائد !!
أو جميعهم فكل يأخذ حقه !! , ونصيبه !!!

وبلغ السيل الزبى .. بين مطرقة غلاء الأسعار ..وسندان جوعي !!
فقررت الرجوع للمطاعم وأنا أردد عبارات لنفسي لكي أثبط عزيمة تضحياتها وأردد أبيات شعرية

وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشدُ

وأذكرها بعبارات شعبية

(( الموت مع الجماعة أرحم )) و في رواية ( الحشر مع الجماعة عيد ))


ولكنني تلكأت أن أعود للشامي مرة أخرى ولو كان مطعمه أفضل مطعماً ولكن اهتديت
إلى أن أذهب للفرع الآخر ولو بعُدت المسافة فأعرف أن محاسبه (سعودياً) – بلادياتي على قول المصريين -
دخلت للمطعم وحاولت أن أدخل بين زحمة الزبائن حتى وصلت للمحاسب وإذا أنا أُفاجأ بأن المحاسب ليس (سعودياً)
– ماتلاحظون أن صاحبي جميع مواقفه مفاجأات !!!!-

وإنما هو (شاميٌ ,أو لبناني , أو تركي ) لا أعلم غير أنه وجه جميل ,وحسن الهيئة !!!!!

<<<
قاطعته بقولي :
أنا لم أقاطعك في سردك لقصتك ولكن لاحظت تكرار عملية (أُفاجأ) في مواقفك المختلفة !!
فرد علي وهو يبتسم :
أنا تفاجأ ت بأنك لم تسأل ؟ لماذا كنت حريصا على أنت ألتقي بالمحاسب السعودي !!
فقلت : طبعا وطنيتك تحتم عليك أن تطالب المؤسسات الخاصة بتطبيق (السعودة) !!
فقال : لا مللنا من تلك المطالب ....
ولكن !!؟

حرصت على أن ألتقي بـ(السعودي ) لكي أحرص على من يقابلني بوجه سعودي
فقد مللنا من كثر الأجانب في بلدنا وكدنا أن نكون أغراباً خصوصاً في الأسواق ,والمطاعم
والميادين وأما أبناء شعبي نجدهم إما في بيوتهم, أو في الاستراحات أو في المقاهي واغلب أنشطتهم
( نوم متواصل) , و(بلاستيشن) , و(بلوت) , والطيب منهم يمارسون لعبة كرة القدم أو(بلياردو)

قلت له (وأنا أومئ برأسي موافقاً له ) : نعم صادق في ذلك

ثم قال دعني أكل ما تبقى من حديثي

>>

طلبت منه وجبة عشائي بأسلوب جميل فرد علي بعبارات جميلة كأنني حبيبه , أو أميراً عليه
( تكرم عينك .., وعلى رأسي .., وغيرها )

شكرته على حسن كلامه ولو أنني أعرف أن عباراته يغازل فيها بنات فئة المائة , وفئة الخمسمائة ريال !!!!!!!!!!!التي يمكُثْن وقتا يسيرا فقط في جيوبي من بعد ما آخذ معاشي !!

أخذت عشائي ..وخرجت من المطعم بهدوء تام ..مثقل الخطى قد أعياني الجوع ..والدوران
والنقاشات مع البائعين وقبلها زوجتي ..ووطني ...وهمي ....ومجتمعي ,وشعبي وتخلفه!!

ركبت سيارتي وبحثت عن شريط خالد الفيصل

من بادي الوقت وهذا طبع iiالايامي
عذبات الايام ما تمدي لياليها
حلو الليالي توارى مثل الاحلامي
مخطور عني عجاج الوقت iiيخفيها
أسري مع الهاجس اللي ما بعد نامي
واصور الماضي لنفسي iiواسليها
أخالف العمر أراجع سالف أعوامي
وانوخ ركاب فكري عند داعيها
تدفا على جال ضوه بارد عظامي
والما يسوق بمعاليقي ويرويها
إلى صفالك زمانك عل ياظامي
اشرب قبل لايحوس الطين صافيها
الوقت لو زان لك ياصاح ما دامي
ياسرع ما تعترض دربك iiبلاويها
حتى وليفك ولو هيم بك هيامي
سيور الايام تجنح به عواديها

قلت له بسخرية :
هل تعلم لماذا لجأت إلى أن تغني .. وتستمتع بهذه الكلمات !!!!

هكذا نحن العرب امة عاجزة عن بناء نفسها , وإعادة بناء حضارتهم الإسلامية في وقتنا الراهن
لذا لجأنا إلى فقط الكلام ,والمسرحيات ,والغناء

وما أدراك ما الغناء !!!!!!!!
هو الهواء الذي تنفس فيه .. ( إحياء السهرات ..وإنشاء معاهد ..سوبر ستار ..وغيرها )

بدعم من أعداءنا .....وحتى في الغناء .....نعتمد على غيرنا !!!


قال (وقد بح صوته من التحدث ) وبلهجته الدارجة ((وش محرق رزك )) :

قلت له : الماء قليل ..ونار الموقد تلظى .. ونريد أن نعيش !!!

ونتحدث دوما .. ولم نرى بالأفق ضوء يشع .. فقط نعيش في ظلام دامس !!!!

قال: نشرب ثلاثة عشر فنجال من القهوة ثم يأتينا نشاط ولا نعلم أين نصرف هذا النشاط عدا في الكلام !!!!


أتحرمنا من التحدث أيضاً...

قلت له : لو تناولت ثلاثة عشر فنجاناً من القهوة العربية لأختصر حديثك حول الشعر و(شاعر المليون )
ولاكنها القهوة (الفرنسية ) هي التي جعلتك تتحدث في المجالات المتعددة
ولكن هناك مشروع ناجح .. نستفيد من هذا التحدث الكثير في شيء مفيد !! ونحصل على انجازات . ومغانم للأمة !!

قال (وهو يعدل من جلسته رافعا صدره للأعلى ) أخبرني ما هو مشروعك :

قلت : الدعوة لله سبحانه وتعالى , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكرو أعظم كلام ...وتحدث ..... وهي رسالة عظيمة ملقاة على عاتقنا

قال : جزآكم الله خيرا .... وهذه صعبة نسال الله سبحانه أن يوفقنا لها

قلت : آآآآآآآآآآآآآآآمين




بهذه الدعاء اختتمنا جلستنا بعدها قمنا من جلستنا وافترقنا .....


وكلنا أمل لأمل يضيء درب الأمة وننتظر اشراقة فجر جديد من بعد ليلنا المظلم !!




تحياااااااااااااااااااااااااتي

الغالي تركي الزايد

الله يعطيك العافيه على هذه الروائع

وتقبل مروري