منتديات البدارين - قصتان مؤثرتان


	قصتان مؤثرتان بقلم :عبدالمطلوب مبارك البدراني albdrani22@maktoob.com اليكم حادثتين حدثتا لطفلين من عائلتنا وسأذكرهما للعضة والأتعاض وللعبرة فقط وما أكثر العبر ما أقل الاعتبار كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه . القصة الأولى حدثت قبل خمس سنوات . بدر طفل صغير لم يتجاوز الثامنة من عمره يدرس في الصف الثاني ابتدائي كان مميزاً وذكياً يتلوا القرآن بصوت جميل لا يسمح لنفسه أن يتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد بما فيها صلاة الفجر التي كان يسبق إليها الكبار وكان في بعض الأحيان يسبق المؤذن يفتح المسجد . كان بدر يحب والده ويحبه وكان يرافقه في أعماله وإلى مزرعته في قرية المضيق بمنطقة وادي الفرع . ذات يوم ركب مع والده في سيارته الوانيت كان بدر صغير السن لأكنه كبير العقل استأذن والده بأن يركب في صندوق الوانيت ليفسح المجال لمن معه وكان له ما أراد . ووصلوا للمزرعة وجلسوا فيها ما شاء الله وراح بدر يمارس هوايته في اللعب والاستحمام في عين المضيق الجارية منذ مئات السنين . بعد قضاء وقت ممتع قرر والده العودة إلى منـزله بقرية الفقير وركبا السيارة وبدر كما فعل سابقاً ركب في حوض الوانيت وتحركت السيارة متجهة إلى قرية الفقير , وفي الطريق سمع والد بدر صياح بدر الذي كان جالس على حافة حوض السيارة ولقد بكزه الهواء وفقد توازنه فهوى ولكن الشنكل تعلق بثوبه لمدة قصيرة أوقف والد بدر سيارته مترجلاً منها وفي هذه الأثناء كان بدر قد وقع على الأرض ولكن في نفس اللحظة كانت هناك سيارة مرسيدس تسير في الاتجاه المعاكس فأجهزت على بدر ودهسته وتوفي في الحال , صاحب السيارة المرسيدس لم يتوقف بل زاد من سرعته عندما علم إنه دهس روحاً . والد بدر تبلدت حواسه وهو ينظر إلى فلذة كبده جثة هامدة أمامه وقد وقع والد بدر في صدمة حادة وجلس على الأرض وبجانبه أبنه الذي كم طبع قبلات على خده وخد والدته وكذلك . وفي هذه الأثناء حضر أحد الأخوة جزاه الله خير الجزاء وأسمه مرزوق الحربي فتوقف بعائلته ورفع بدر في سيارته ومعه والده وانطلق بسرعة إلى مركز صحي الفقير والذي بدوره أسعف بدر إلى المدينة المنورة ولكن بعد ماذا وثم ماذا بعد ؟ كنت في المدينة واتصل بي أخ عزيز أخبرني بأن شقيقك بدر حصل له حادث حركه وهو الآن بمستشفى الملك فهد ذهبت إلى المستشفى ووجدت والدي المكلوم وهو قد لطخ بدماء فلذة كبده بدر عندما رأني أتاني مقبلاً ردد قائلاً يا عبدالمطلوب لا حول ولا قوة إلا بالله بدر مات فقلت له إن لله وإن إليه راجعون (وإن الله لا يؤخر نفس إذا جاء أجلها) وقال تعالى ( وكل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) وبعد سرد هذه القصة المحزنة الحقيقية التي ليست من نسج الخيال أتوجه لصاحب السيارة المرسيدس إن كان حياً مع الأحياء وأقول له : نحن مؤمنون بقضاء الله وقدره ولكن كان يجب عليك أن تتوقف وتسعف روحاً بريئة كان يجب عليك أن لا تترك والده المكلوم بجانب أبنه في الخلاء . هل تعتقد أنك بهذا نجوت ؟ وأنت هربت من عدالة الدنيا ولكن هل تستطيع الهروب من عدالة الآخرة , نعم نحن حتى الآن لا نعرفك ولكن الله يعرفك ؟ لو وقفت وأسعفته كنت فزت بعفو والده في الدنيا والآخرة , أما الآن فالوالد والوالدة على موعد معك أمام الحق عزوجل في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم . القصة الثانية حدثت في وقت قريب . وهي لأبننا محمد الذي وافاه الأجل يوم السبت الموافق 11ربيع الأول لعام 1428هـ ذهب نتيجة حادثة من نوع آخر . كان والده عبيدا لله يرى في هذا الطفل ما لم يراه في غيره ولكن هذه إرادة الله سبحانه وتعالى وما شاء فعل ولا راد لقضاء الله إلا هو . ذهب والد محمد إلى عمله في معارض السيارات بالمدينة المنورة وقد أتى محمد قبل أن يذهب إليه وطلب منه مبلغ من النقود وأعطاه إياه وعانقه ولكن لم يدر بخلده ولم يعلم والد محمد أن هذا عناق الوداع لأبنه الذي لم يتجاوز الست سنوات ولكنه رغم صغر سنه فإنه كانت لديه مواصفات غير يحبه الجميع يقول جده لوالده إن هذا الولد هو أكثر من يسألني دائماً كلما قابلني عن الصغيرة والكبيرة فتعلقت به أكثر وكذلك الحال مع والده ووالدته . وكلنا عندما نحضر في منـزل والده لا حظنا ذلك لقد لاحظت كثرة أسئلته بسؤال الأطفال عن أسماءهم واحد واحد وكان هذا الطفل يقلد إحدى البرامج الكرتونية في التلفزيون على سياج سلم الدرج بالمنـزل والذي بكل صراحة كان خطر على الأطفال لأن هذا السياج كان قصير ويحتاج رفعه إلى أعلى وعدم بسط حافته لأن الطفل يتزلج على خشبة سياج السلم المنبسطة وأختل توازنه وسقط من الدور الأول على البلاط أسفل الدرج وقد أسعفه أحد الجيران جزاه الله خير الجزاء وأخذه إلى المستشفى القريب من المنـزل ولكن الأجل كان أسرع عندما رآه قد فارق الحياة قام بالاتصال بوالده وكان الخبر عليه كالصاعقة وذلك مغرب يوم السبت وقد وصلنا الخبر في حينه في وادي الفرع ومن المفارقات إن والده كان يريد إكمال إجراءت الدفن في حينه في تلك الليلة ولا كن حال دون ذلك كثرة الروتين والإجراءت المطولة التي أخذت حتى عصر اليوم التالي ولم نصلي عليه إلا بعد صلاة العصر يوم الأحد الموافق 12 ربيع الأول 1428هـ وقد تعب والداه وأسرته في إجراءت التنازل رغم إنهم لم يطالبوا أحد وهذه إجراءت طيبه لا اعتراض عليها إلا إنني أتمنى أن تكون هناك هيئة متكاملة من قاضي وطبيب شرعي وموظف من إدارة الأحوال وغيرهم من ذوي الأختصاص لهذا الخصوص في المستشفى أو في إدارة التجهيز لتجهيز الموتى وإنها إجراءتهم بأسرع وقت ممكن وتحويل من توجد لديهم مشاكل جنائية إلى المحاكم . ختاماً نسأل الله العلي العظيم أن يتغمدهما برحمته ويسكنهما فسيح جناته ويجعلهما شفيعين لأهلهما يوم القيامة وأن لا يري أحد مكروه في عزيز لديه (وإنا لله وإنا إليه راجعون ) والله من وراء القصد