عرض مشاركة واحدة
قديم 20-03-2009, 09:33 PM   #1
معلومات العضو
عزيف نجد
عضو فعال فى منتديات البدارين

الصورة الرمزية عزيف نجد
إحصائية العضو






آخر مواضيعي
افتراضي دقة.. بدقة.. ولو زدنا زاد السقاء


كان تاجراً كبيرا ، وكانت تجارته بين العراق وسورية
يبيع الحبوب في سورية ، ويستورد منها الصابون والأقمشة .
وكان رجلاً مستقيما في خلقه ، قوي التدين ، يزكي ماله ويغدق على الفقراء
مما أفاء الله به عليه من خير
وكان يقضي حاجات الناس ، لايكاد يرد سائلاً ، وكان يقول :
(( زكاة المال من المال وزكاة الجاه قضاء الحاجات )) .
وكان يعود مرضى محلته ويتفقدهم كل يوم تقريبا ، وكان يصلي المغرب والعشاء
في مسجدا قرب داره ن فلا يتخلف عن الصلاة أحد من جيرانه الإ ويسأل عنه ،
فإذا كان مريضاً عاده ، وإذا كان محتاجا إلى المال أعطاه من ماله ،
وإذا كان مسافراً خلفه في عياله .
وكان له ولدُ وابنة واحدة ، بلغا عمر الشباب .
وفي يوم من الأيام ، سأل ولده الوحيد أن يسافر الى سورية بتجارته قائلاً له:
(( لقد كبرت يا ولدي ، فلا أقوى على السفر. وقد أصبحت رجلاً والحمد لله فسافر على بركة الله مع قافلة الحبوب الى حلب فبع ما معك ، وأشتر بها صابوناً
وقماشا ثم عد إلينا ، ولكنني أوصيك بتقوى الله ، وأطلب منك أن تحافظ
على شرف أختك )).
وكان ذلك قبل الحرب العالمية الأولى ، يوم لم يكن حينئذ قطارات ولا سيارات...


وسافر الشاب بتجارة أبيه من مرحلة إلى مرحلة:
يسهر على إدارة القافلة ، ويحرص على حماية ماله ، ويقوم على شـؤون رجاله . وفي حلب الشهباء ، باع حبوبه ، واشترى بثمنها من صابونها الممتاز وقماشها الفاخر،
ثم تجهز للعودة أدراجه إلى الموصل الحدباء
وفي يوما من الأيام قبيل عودته من حلب ، رأى شابة جميلة تخطر بغلالة من اللاذ (اللاذ: ثياب حرير حمر تنسج بالصين )
في طريق مقفر بعد غروب الشمس ، أختطف منها قبلة ثم هرب على وجهه
وهربت الفتاة . وما كاد يستقر به المقام في مستقره إلا وأخذ يؤنب نفسه
وندم على فعلته
وكتـم أمره عن أصحابه ، ولم يبح بسره لأحد ، وبعد أيام عاد إلى بلده .
وكان والده الشيخ في غرفته يطل منها على حوش الدار، حين طرق الباب السٌقاء

فهرعت إبنته الى الباب تفتحه له ، وحمل السقاء قربته وصبها في اُلحب (حب الماء : وعاء الماء كالزير والجرة)
وأخت الفتى تنتظره على الباب لتغلقه بعد مغادرة السقاء الدار .
وعاد السقاء بقربته الفارغة ، فلما مر بالفتاة قبلها ، ثم هرب لاينوي على شىء .
ولمح أبوها من نافذة غـرفته ماحدث ، فردد من صميم قلبه :
(( لاحول ولا قـوة الا بالله )).
ولم يقل الأب شيئاً ، ولم تقل الفتاة شيئاً .
وعاد السقاء في اليوم الثاني إلى دار الرجل كالمعتاد ، وكان مطأطىء الرأس خجلاُ ،
وفتحت له الفتاة الباب ،ولكنه لم يعد الى فعلته مرة أخرى .
لقد كان السقاء يزود الدار بالماء منذ سنين ، كما كان يزود دور المحلة كلها بالماء ،
ولم يكن في يوم من الأيام موضع ريبة ، ولم يحدث له أن ينظر إلى محارم الناس
نظرة سوء ،وكان في العقد الخامس من عمرة وقد ولٌى عنه عهد الشباب
وما قد يصحبه من تهـور وطيش وغـرور

وقدم الفتى الموصل ، موفور الصحة ، وافر المال .
ولم يفرح والده بالصحة ولا بالمال ، لم يسأل ولده عن تجارته ولا عن سفره ،
ولا عن أصحابه التجار في حلب .
لقد سأل ولده أول ماسأله : ماذا فعلت منذ غادرت الموصل إلى أن عدت اليها ؟
وابتدأ الفتى يسرد قصة تجارته ، فقاطعه أبوه متسائلا :
(( هل قبلت فتاة، ومن متى وأين )) فسقط (في يده : ندم وتحير ، قال تعالى : ( ولما سقط في أيديهم ) في يد الشاب ، ثم أنكر ..
واحمرُ وجه الفتى وتلعثم ، وأطرق برأسه إلى الأرض في صمت مطبق كأنه صخرة
من صخور الجبال لايتحرك ولا يريـم (لايبرح ) .
وكان الصمت فترة قصيرة من عمر الزمن ، ولكنه كان كأنه الدهر .
وأخيراً قال له أبوه : لقد أوصيتك أن تصون عرض أختك في سفرك ، ولكنك لم تفعل .
وقص عليه قصة أخته وكيف قبلها السقاء ، فلا بد ان تلك بتلك القبلة وفاء لدين عليك ..
وانهار الفتى ، واعترف بالحقيقة .
وقال له أبوه مشفقا عليه وعلى أخته وعلى نفسه :
( أنني لم أكشف ذيلي في حرام ، وكنت أصون عرضي حين كنت أصون اعراض الناس ) ولا أذكر أن لي خيانة في عرض أو سقطة من فاحشة أرجو ألا اكون مدينا لله بشيء من ذلك .
وحين قبل السقاء أختك تيقنت أنك قبلت فتاة ما ، فأدت أختك عنك دينك ،
لقد كانت دقة بدقة ، وإن زدت زاد السقاء !!.

تم نقلها من كتاب عدالة السماء
لمولفة اللواءُ الركنُ محمود شيت خطاب
انتهى ،،

اين انت ايها الشيخ التقي
تعال ونظر لحال شبابنا اليوم
يتفاخرون ويتباهون بأعداد من يعرفون من بنات الليل وياليتها قبله ماخفي كان أعظم
اللهم استر علينا واعفوا عنا وارحمنا








عزيف نجد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس