لماذا هذه القلعة الحصينة؟!

[ابن سعران]

لماذا هذه القلعة الحصينة؟!

محمد صلاح الدين

مع إعلان الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن خطته الإستراتيجية المأساوية الجديدة، التي ترتكز على المزيد من التورط العسكري في العراق والغرق في مستنقع الحرب، كشفت صحيفة الاندبندنت اون صانداي البريطانية عما بدا انه تسريب متعمد من الإدارة الأمريكية حول مشروع قانون عراقي مثير للجدل، وكشفت الصحيفة ان هذا المشروع يقضي بمنح شركات البترول الأمريكية والبريطانية الكبرى عقود احتكار استغلال البترول العراقي لمدة 30 عاماً قادمة، كما يقضي بان تستحوذ هذه الشركات على 75% من عائدات البترول العراقي خلال السنوات الثلاثين، وذكرت الصحيفة انه من المتوقع ان يكشف برهم صالح نائب رئيس وزراء العراق عن هذا التشريع قريباً، بالرغم من المعارضة الشديدة التي يلقاها داخل البرلمان العراقي.

وقالت الصحيفة في موقعها الالكتروني على شبكة الانترنت، ان الحكومة الأمريكية ضالعة في سن هذا القانون والذي اطلعت الصحيفة على مسودته، والذي يمثل أول عملية استغلال واسعة النطاق للمصالح النفطية الأجنبية في البلاد منذ تأميم هذه الصناعة في عام 1972م، وذكرت الصحيفة البريطانية ان الجوائز الضخمة المحتملة للشركات الغربية، ستعزز من موقف المنتقدين الذين دفعوا بان السبب الحقيقي وراء شن الحرب في العراق كان هو النفط، مشيرين في هذا الصدد إلى تصريحات نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، الذي قال في عام 1999م حينما كان يتولى آنذاك منصب رئيس مجلس إدارة شركة النفط (هاليبيرتون) ان العالم سيكون بحاجة إلى 50 مليون برميل نفط إضافي يومياً بحلول عام 2010م ثم أردف قائلاً: ولكن من أين سيأتي هذا النفط؟ ان الشرق الأوسط الذي يوجد به ثلثا نفط العالم والأقل تكلفة في استخراجه، ما زال يعتبر المكان الذي توجد به الجائزة النهائية.

***

وقد لا يكون من المصادفات على الإطلاق، ان تكشف جريدة بريطانية أخرى هي الفاينانشيال تايمز الشهيرة، وفي نفس الوقت، عن ان السفارة التي تبنيها الولايات المتحدة حالياً في العاصمة العراقية، فوق مساحة تزيد على 100 فدان ويسميها المنتقدون (حصن بغداد)، تزيد المخاوف من أن الوجود الدبلوماسي الكبير، سيكون رمزاً للاحتلال الأمريكي للعراق ويصبح هدفاً للغضب المحلي، وقالت الصحيفة ان خطة يجري تنفيذها حالياً لتوسيع الوجود المدني الأمريكي في العراق، وإنهاء العمل في أضخم سفارة للولايات المتحدة في العالم، وأضافت ان السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء في قلب بغداد، تغطي مساحة مقدارها 104 فدادين مما يجعلها اكبر ست مرات من مبنى الأمم المتحدة في نيويورك، ومدينة داخل مدينة سيعمل فيها أكثر من 1000 شخص، وستزود بأنظمة خاصة لمياه الشرب والصرف الصحي والكهرباء، وست عمارات سكنية، وثكنات لقوات المشاة البحرية ومسبح ومحال تجارية، كما ستبلغ سماكة بعض جدرانها 15 قدماً أي ما يعادل 5 أمتار. ونسبت الصحيفة إلى وزارة الخارجية الأمريكية قولها ان الوجود المدني للولايات المتحدة في العراق تزايد بشكل كبير، وتجاوز الأرقام المقررة للسفارة الأمريكية في بغداد، والتي من المقرر ان ينتهي العمل فيها في سبتمبر المقبل، بكلفة تصل إلى 592 مليون دولار.

ونسبت الجريدة البريطانية إلى الدبلوماسي الأمريكي السابق جون براون، الذي استقال من منصبه احتجاجاً على غزو العراق عام 2003م، قوله: ان السفارة ستكون رمزاً للاحتلال الأمريكي للعراق، وللانفصال التام لموظفيها عن المجتمع الذي يفترض ان يتواصلوا معه.

***

لقد تم الإعلان خلال السنوات الأربع الماضية على غزو العراق، عن الكثير من وقائع الفساد المالي التي قدرت بالبلايين من الدولارات سواء من قبل بعض المسؤولين العراقيين أو الأمريكيين، حيث نهبت عوائد النفط ومخصصات الإعمار وموازنات الوزارات، وفي جميع الأحوال، وطبقاً لكل المؤشرات والتصريحات والتحركات، فان هذه الإدارة الأمريكية تعد العدة لإقامة طويلة، أو لنقل دائمة في العراق الشقيق، ستكون لها ما بعدها بكل تأكيد.

المصدر جريدة المدينة اليومية